جيمس واط .. مطور الماكنة البخارية

كان محرك واط البخاري أول الانواع التي تستخدم البخار، يتصف باعلى من الضغط الجوي . ونشأ خلال قفزات علمية متقطعة بين العامين 1763 و1775 ، فكان ثاني خطوة عظيمة في تطوير المحرك بعد تصميم نيوكومين البخاري للعام 1712 ، الذي كان يستهلك كميات هائلة من البخار وأخرى كبيرة من الوقود، كان المشجع للمهندس الاسكتلندي جيمس واط على بدء تجاربه ليخترع جديداً بمكثف واسطوانة منفصلين وبذلك تظل الاخيرة ساخنة على الدوام فوفر هذا النظام ثلاثة أرباع تكلفة الوقود، بسبب فقدان كمية قليلة من البخار بدخوله الاسطوانة الباردة، واستمر بعد ذلك في اجراء تحسينات على آلته مخفضاً ما استطاع تكلفة استخدام محركات البخار المكتفة .

أول الاعمال
كانت احد الاعمال الاولى للعالم هي تصميم وبناء جهاز للرسم المنظوري، وبعدها في العام 1765 بدأ بتجديد احد نماذج العمل (الموديل) الماكنة نيوكومين .
لقد لمعت لدية فجأة فكرة تطوير كفاءة الآلة من خلال استعمال دثار من البخار حول الاسطوانة واستخدام مكثفة للبخار المستهلك من اجل خلق فراغ .. وفي العام 1768 قابل رجل الصناعة البريطاني ماثيوبولتون الذي استطاع ان يمدد فترة عمل براءة الاختراع التي كان واط قد حصل عليها جراء صنعه الجهاز المطور لمدة خمسة وعشرين عاماً .
بعدها دخل هذان الرجلان في شراكة لانتاج الماكنة الجديدة التي احتاجت الى سنوات عديدة لتصل الى حالتها المثالية ولم يكن قبل العام 1780 ان بدأت هذه الشراكة بتحقيق الارباح .
ومنذ العام 1775 حتى 1790 ، حقق جميس العديد من التحسينات في ابتكاره ، واخترع ايضاً الماكنة المزدوجة الفعل، وهي عبارة عن آلة تدويرية مزودة بترس كوكبي ومنظم للماكنة لايزال يعرف حتى الآن باسم منظم واط، اضافة الى ترس الحركة الوصلية المتوازية .
لقد ادخل فكرة قياس القدرة بدلالة الوحدة الحصانية لاول مرة وذلك بافتراض ان حصان المطحنة عندما كان يقطع محيط الدائرة نصف قطرها 24 قدماً مرتين ونصف في الدقيقة، فانه كان يبذل نفس الجهد اللازم لسحب كتلة مقدراها 180 باوند.. ان الاسس التي اعتمدها في هذه الارقام قد اصبحت اليوم غير معروفة الا ان كل مايعرف انها كانت تعطي معدلاً من القدرة نحو 32,400 باوند قدم/ دقيقة التي قام بتعديلها فيما بعد لتصبح 33,400 ومن بين اختراعاته المهمة الاخرى، هو مؤشر جهاز الابتكار الذي يظهر بدقة متناهية مايحدث في داخل اسطوانته خلال تشغيلها .

قدرة علمية فذة
يعد واط من قبل العديدين اعظم مهندس بريطاني، ليس فقط لاختراعاته المهمة المتعلقة بتطوير الآلة التي وضعت اساس التطور التكنولوجي اللاحق للجنس البشري ولكن ايضاً لما أدت اليه هذه الابتكارات من سيطرة الانسان على قوى الطبيعة الى درجة لم يكن احد في السابق يحلم بها .
ان سر نجاحه الكبير يعود من جهة الى قدرته الفذة على الاختراع ومن وجه ثان الى مهارته اليدوية كصانع حرفي ماهر للادوات.. ولعل العمال الذين كانوا يعملون لدى والده لم يجانبوا الصواب حين قالوا له :" ان ولدك يمتلك ثروة بين اصابعه" .
ولد العالم في غرينوك التي كانت مهداً للهندسة وبناء السفن على ساحل رينفريوشاير في اسكتلندة وكان ذلك في 19 كانون الثاني في العام 1736، وعرف والده انه من كبار صانعي بناء السفن واصلاحها، اضافة الى انه قد عمل تاجراً ووكيل مزرعة وامين صندوق في غرينوك .
حصل واط على خبرة ثمينة من خلال عمله في ورشة والده حيث كانت له منضدة العمل الخاصة به مع معداتها الكاملة، وعندما تخرج من المدرسة الثانوية عمل لفترة في غلاسكو لحساب صانع للعدسات حيث تعززت خبرته كصانع ماهر للادوات .
قرر ان يذهب الى لندن ليجمع ثورة من عمله هناك، واستغرقت رحلته اثني عشر يوماً محفوظة بالمخاطر .. وعندما وصل وجد نفسه بلا عمل بعد ان كان احد اصدقاء والده قد وعده بعمل ولم يف بذلك، وبعدها عمل صانعاً للادوات الرياضية باجور تكفي فقط لسد رمق العيش، رجع الى غلاسكو بعد سنة من الحرمان وفي العام 1746 تزوج من ابنة عمه.
ماتت زوجته الاولى في العام 1773 وتزوج من ان ماك غريغور في العام 1766 وخلال وجوده في بيرمنغهام حصل على مكانة مهمة في جمعية لونار العلمية حيث استطاع ان يلتقي بالعديد من العلماء ورجال الصناعة البارزين امثال بريستلي وهيرشل و ويدغوود الذي اشتهر في صناعة الخزف.
وفي العام 1790 سلم المخترع وبولتون الجزء الاكبر من اعمالهما الى اولادهما واصبح اسم الشركة (بولتون واط واولادهما).
وبحلول العام 1800 تقاعد علمياً الا انه واصل اختراعاته حتى مماته .

استنساخ التماثيل
وفي سن متأخر قام بانتاج ماكنة ذات قدرة بارعة على استنساخ المنحوتات والتماثيل .. حيث مات بعدها في 25 آب في العام 1819 في هيثفلد الواقعة في برمنغهام .
لقد كان سعيد الحظ بحيث انه استطاع ان يعيش ليرى نتاجات اعماله وان يحصل بسبب ذلك على الشهرة والمردود المالي بعد حياة مليئة بالكفاح.
ان اسمه سيخلد الى الابد وخاصة في وحدات القدرة وهي الـ(واط) التي حلت بدل القدرة الحصانية وهي الاخرى قد استحدثت اصلاً من قبله. لقد تم تشييد تمثال في دير ويستمنستار حيث نقشت عليه عبارة "الى جيمس الذي وجه قوة عبقريتة الاصلية في استخدام البحوث الفلسفية المبكرة التي قام بها لتطوير الماكنة البخارية اذ وسعت كثيراً من موارد الدخل القومي لبلاده وزادت من قدرات الانسان, بالاضافة الى انها رفعته الى مرتبة عظيمة بين العديد ممن تبعه من العلماء اللامعين الذين قدموا خدمات جليلة للبشرية.